كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} قال: كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها ليدخلوا عليهم، ويخربها اليهود من داخلها.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن مقاتل بن حيان في قول الله عز وجل: {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتلهم، فإذا ظهر على درب أو دار هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال، وكانت اليهود إذا غلبوا على درب أو دار نقبوها من أدبارها ثم حصنوها ودربوها فيقول الله عز وجل: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} وقوله: {ما قطعتم من لينة} إلى قوله: {وليخزي الفاسقين} يعني باللينة النخل، وهي أعجب إلى اليهود من الوصف، يقال لثمرها اللون، فقالت اليهود عند قطع النبي صلى الله عليه وسلم نخلهم وعقر شجرهم: يا محمد زعمت أنك تريد الإِصلاح، أفمن الإِصلاح عقر الشجر وقطع النخل والفساد؟ فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ووجد المسلمون من قولهم في أنفسهم من قطعهم النخل خشية أن يكون فسادًا، فقال بعضهم لبعض: لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا، فقال الذين يقطعونها: نغيظهم بقطعها، فأنزل الله {ما قطعتم من لينة} يعني النخل فبإذن الله وما تركتم قائمة على أصولها فبإذن الله فطابت نفس النبي صلى الله عليه وسلم وأنفس المؤمنين {وليخزي الفاسقين} يعني يهود أهل النضير. وكان قطع النخل وعقر الشجر خزيًا لهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري في قوله: {يخربون بيوتهم بأيديهم} قال: ما صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يعجبهم خشبة إلا أخذوها فكان ذلك تخريبها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {يخربون بيوتهم} من داخل الدار لا يقدرون على قليل ولا كثير ينفعهم إلا خربوه وأفسدوه لئلا يدعوا شيئًا ينفعهم إذا رحلوا، وفي قوله: {وأيدي المؤمنين} ويخرب المؤمنون ديارهم من خارجها كيما يخلصوا إليهم، وفي قوله: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا} قال: لسلط عليهم فضربت أعناقهم وسبيت ذراريهم، ولكن سبق في كتابه الجلاء لهم ثم أجلوا إلى أذرعات وأريحا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله: {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} قال: كانت بيوتهم مزخرفة فحسدوا المسلمين أن يسكنوها، وكانوا يخربونها من داخل، والمسلمون من خارج.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: الجلاء خروج الناس من البلد إلى البلد.
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس {ما قطعتم من لينة} قال: هي النخلة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن عطية وعكرمة ومجاهد وعمرو ابن ميمون مثله، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {من لينة} قال: نوع من النخل.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال: اللينة ما دون العجوة من النخل.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الزهري قال: اللينة ألوان النخل كلها إلا العجوة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {ما قطعتم من لينة} قال: نخلة أو شجرة.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قوامًا على أصولها}.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب قال: يلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرق بعض أموال بني النضير فقال قائل:
فهان على سراة بني لؤيّ ** حريق بالبويرة مستطير

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: قطع المسلمون يومئذ النخل، وأمسك أناس كراهية أن يكون فسادًا فقالت اليهود: الله أذن لكم في الفساد؟ فقال الله: {ما قطعتم من لينة} قال: واللينة ما خلا العجوة من النخل إلى قوله: {وليخزي الفاسقين} قال: لتغيظوهم {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} قال: ما قطعتم إليها واديًا ولا سيرتم إليها دابة ولا بعيرًا إنما كانت حوائط لبني النضير أطعمها الله رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم بين قريش والمهاجرين، النضير فأنزل الله {ما قطعتم من لينة} قال: ما هي العجوة والفنيق والنخيل، وكانا مع نوح في السفينة، وهما أصل التمر، ولم يعط رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أحدًا إلا رجلين أبا دجانة وسهل بن حنيف.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الأوزاعي قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم يهودي فسأله عن المشيئة قال: المشيئة لله، قال: فإني أشاء أن أقوم، قال: قد شاء الله أن تقوم، قال: فإني أشاء أن أقعد، قال: فقد شاء الله أن تقعد، قال: فإني أشاء أن أقطع هذه النخلة، قال: فقد شاء الله أن تقطعها، قال: فإني أشاء أن أتركها، قال: فقد شاء الله أن تتركها، قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: قد لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم عليه السلام، قال: ونزل القرآن {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين}».
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي وابن المنذر عن الزهري في قوله: {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} قال: صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل فدك وقرى سماها وهو محاصر قومًا آخرين، فأرسلوا بالصلح فأفاءها الله عليهم من غير قتال، ولم يوجفوا عليه خيلًا ولا ركابًا فقال الله: {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} يقول: بغير قتال. وقد كانت أموال بني النضير للنبي صلى الله عليه وسلم خالصًا لم يفتتحوها عنوة إنما فتحوها على صلح، فقسمها النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئًا إلا رجلين كانت بهما حاجة أبو دجانة وسهل بن حنيف.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة فكان ينفق على أهله منها نفقة سنتهم، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} قال: يذكرهم ربهم أنه نصرهم وكفاهم بغير كراع ولا عدة في قريظة وخيبر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} قال: أمر الله رسوله بالسير إلى قريظة والنضير، وليس للمؤمنين يومئذ كثير خيل ولا ركاب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكم فيه ما أراد، ولم يكن يومئذ خيل ولا ركاب يوجف بها. قال: والايجاف أن يوضعوا السير وهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من ذلك خيبر وفدك وقرى عربية، وأمر الله رسوله أن يعد لينبع، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتواها كلها، فقال أناس: هلا قسمها فأنزل الله عذره فقال: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} إلى قوله: {شديد العقاب}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} قال: من قريظة جعله الله لمهاجرة قريش خصوا به.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري في قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} قال: بلغني أنها الجزية والخراج.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان ما أفاء الله على رسوله من خيبر نصف لله ورسوله، والنصف الآخر للمسلمين فكان الذي لله ورسوله من ذلك الكتيبة والوطيخ وسلالة ووجدة، وكان الذي للمسلمين الشق والشق ثلاثة عشر سهمًا ونطاه خمسة أسهم، ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر لأحد من المسلمين إلا لمن شهد الحديبية، ولم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد تخلف عنه عند مخرجه الحديبية أن يشهد معه خيبر إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري.
وأخرج أبو داود وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفايا بني النضير وخيبر وفدك، فأما بنو النضير فكانت حبسًا لنوائبه، وأما فدك فكانت لابن السبيل، وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء فقسم منها جزأين بين المسلمين، وحبس جزءًا لنفسه ولنفقة أهله، فما فضل عن نفقة أهله رده على فقراء المهاجرين.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش قال: ليس بين مصحف عبد الله وزيد بن ثابت خلاف في حلال وحرام إلا في حرفين في سورة الأنفال {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الأنفال: 41] وفي سورة الحشر {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله}.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} قال: كان الفيء بين هؤلاء، فنسختها الآية التي: في الأنفال فقال: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الأنفال: 41] فنسخت هذه الآية ما كان قبلها في سورة الحشر فجعل الخمس لمن كان له الفيء وصار ما بقي من الغنيمة لسائر الناس لمن قاتل عليها.
وأخرج أبو عبيد في كتاب الأموال وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو عوانة وابن حبان وابن مردويه عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: بعث إليّ عمر بن الخطاب في الهاجرة، فجئته فدخلت عليه فإذا هو جالس على سرير ليس بينه وبين رمل السرير فراش، متكئ على وسادة من آدم، فقال: يا مالك إنه قدم علينا أهل أبيات من قومك، وإني قد أمرت فيهم برضخ فخذه فأقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم قومي وأنا أكره أن أدخل بهذا عليهم فمر به غيري فإني لأراجعه في ذلك إذ جاءه يرفا غلامه فقال: هذا عثمان بن عفان وطلحة بن عبيدالله والزبير وعبد الرحمن بن عوف، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاءه يرفا فقال: هذا علي وعباس قال: ائذن لهما في الدخول فدخلا، فقال عباس: ألا تعديني على هذا فقال القوم: يا أمير المؤمنين اقض بين هذين وأرح كل واحد منهما من صاحبه، فإن في ذلك راحة لك ولهما.
فجلس عمر ثم قال: اتئدوا. وحسر عن ذراعيه ثم قال: أنشدكم بالله أيها الرهط هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انا لا نورث ما تركنا صدقة إن الأنبياء لا تورث» فقال القوم: نعم قد سمعنا ذاك. ثم أقبل على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذاك؟ قالا: نعم، فقال عمر: ألا أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله خص نبيه من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره يريد أموال بني النضير كانت نقلًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لأحد فيها حق معه، فوالله ما احتواها دونكم ولا استأثر بها عليكم، لقد قسمها فيكم حتى كان منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخر منه قوت أهله لسنتهم، ويجعل ما بقي في سبيل المال حتى تو في الله نبيه صلى الله عليه وسلم، فقام أبو بكر، فقال: أنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمل بما كان يعمل وأسير بسيرته في حياته، فكان يدخر من هذا المال قنية أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم لسنتهم، ويجعل ما بقي في سبل المال كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوليها أبو بكر حياته حتى توفي أبو بكر، قلت: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر أعمل بما كانا يعملان به في هذا المال فقبضتها، فلما أقبلتما عليّ وأدبرتما وبدا لي أن أدفعها إليكما أخذت عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به فيها وأبو بكر وأنا، حتى دفعتها إليكما أنشدكم الله أيها الرهط هل دفعتها إليهما بذلك؟ قالوا: اللهم نعم، ثم أقبل عليهما فقال: أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فقضاء غير ذلك تلتمسان مني، فلا والله لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن كنتما عجزتما عنها فأدياها إليّ ثم قال عمر: إن الله قال: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير} فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى} إلى آخر الآية {واتقوا الله إن الله شديد العقاب} ثم قال: والله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال: {والذين تبوَّءو الدار والإِيمان} إلى {المفلحون} ثم والله ما أعطاها لهؤلاء وحدهم حتى قال: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا} إلى قوله: {رحيم} فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر.